موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 13 مايو 2014

بل هو (سلامٌ) بالإكراه

وجهات نظر
محمد سيف الدولة
قال السيسي في معرض حديثه مع الاعلاميين إن ((معاهدة السلام استقرت في وجدان المصريين.. وأنه لا يوجد عبث في هذا الكلام، طول ما الآخرين هايحترموا حدودنا)).
عن أي سلام وأي وجدان وعن أي مصريين تتحدث؟

المصريون يعلمون جيدا أنه سلام بالاكراه، بدأ باحتلال سيناء بالقوة، وصمت مجلس الأمن، وتدخل الأمريكان ضدنا في حرب 1973 لسرقة النصر، وإرغامنا في 1974 على انسحاب قواتنا التي عبرت، وإكراهنا على توقيع هذه المعاهدة المُذِلة التي لا تمت للوطنية بصلة :
·       فمعاهدة تعترف باسرائيل، وبحقها في الأرض التي يعرفها المصريون بأنها فلسطين، لا يمكن أن تكون في الوجدان المصري،
·       ومعاهدة تخرج مصر من قيادة النضال ضد المشروع الصهيوني الذي يهدد مصر والأمة العربية كلها قبل أن يهدد فلسطين،
·       ومعاهدة تحرم الشعب المصري من حقه في فرض سيادته الكاملة على أرضه، فتجرد ثلثي سيناء من القوات والسلاح، لا يمكن أن تكون في وجدان أحد،
·       ومعاهدة تنحاز الى الامن القومي الاسرائيلي على حساب الامن القومي المصري، فتعطى لاسرائيل الحق في ان تضع دباباتها على بعد 3  كيلومتر من الحدود المصرية، وتجبر الدبابات المصرية ان تكون على بعد 150 كيلومتر من ذات النقطة،
·       ومعاهدة تلزمك باستئذان اسرائيل والتنسيق معها كلما اردت ان تزيد عدد قواتك في سيناء المصرية، ولا تلزمهم بالمثل،
·       ومعاهدة استبدلت الاحتلال الاسرائيلي بقوات اجنبية أمريكية وأوروبية لا تخضع للأمم المتحدة، تحت قيادة وزارة الخارجية الامريكية، لا يمكن ان تكون في وجدان أي وطني،
·       ومعاهدة وضعت الامن القومي الاسرائيلي فوق الامن القومي العربي، وأعطت لنفسها الاولوية على اتفاقيات الدفاع العربى المشترك،
·       ومعاهدة قيَّدت السياسة الخارجية المصرية وجرَّدت مصر من حقها في عقد أي معاهدات مستقبلية تتناقض مع احكامها،
·       ومعاهدة أوقعت مصر وجيشها وتسليحها تحت رحمة وفي براثن المعونة العسكرية الأمريكية، تتحكم فيها وتسيطر عليها، لصالح اسرائيل،
·       ناهيك على انها معاهدة باطلة دستورياً، اذ تخالف كل الدساتير المصرية التي تنص على ان السيادة للشعب المصري وحده، بعد ان جرَّدت سيناء من السيادة الكاملة،
·       وتخالفها في تنازلها عن جزء من الامة العربية لاسرائيل، اذ تنص الدساتير على ان مصر جزءٌ منها ويجب أن تعمل على وحدتها،
***
ثم ما هي حكاية "الحدود" التي تتحدث عنها، وتقول أن الاسرائيليين يحترموها؟
يا رجل، هناك قطاع كبير من الناصريين، يروِّجون ليل نهار الى أنك ناصر جديد، وتؤكد أنت في كل مناسبة بأنك تتمنى أن تكون كذلك،
بينما جمال عبدالناصر هو صاحب النظرية الشهيرة بأن صراعنا مع اسرائيل هو صراع وجود وليس صراع حدود،
وهو الذى تبنى شعار لا صلح لا تفاوض لا استسلام، بعد 1967
***
ثم بعيدا عن عبدالناصر، كيف تختصر الصراع ضد الكيان الصهيونى في مشكلات حدودية؟ ألا تعلم أن المعاهدة المستقرة في وجدانك أنت فقط، قد صنعت لمصر نوعين من الحدود بتعليمات اسرائيلية وأمريكية، حدودا سياسية هى الحدود الدولية المعروفة، وحدودا عسكرية على بعد 50 كيلومتر شرق قناة السويس، أسمتها اسرائيل بحدودها الآمنة مع مصر؟
ثم عن أي احترام للحدود تتحدث ودماء جنودنا المصريين الذى سقطوا في 2011 و2012 و2013 لم تبرد بعد، وكلها وقعت إما بأيادى اسرائيل أو بتدبيرها.
***
اننا نعلم منذ عقود، أن الأمريكان يجب أن يوافقوا على أي رئيس لمصر، ونعلم أن الجميع بلا استثناء، ويا للعار، كانوا دائما ما يقدِّمون مسوِّغات المنصب وأوراق الاعتماد، بإعلان التزامهم بمعاهدة السلام، فكان يمكنك أن تكتفي بذلك، وأن تصرِّح به باقتضاب وبلا حماس، أما ان تدَّعى أن المعاهدة في "وجدان" الشعب المصري، فهذا تزّيُد لم يفعله مبارك نفسه.
وان كنت لا تجرؤ على مصارحة المصريين بمساوئ كامب ديفيد التي تعلمها جيدا بحكم وظيفتك، فما كان يجب عليك أبداً أن تشارك في تضليلهم بالحديث عن ايجابياتها.
***
لقد كان الانطباع السائد لدى كثير من المصريين، هو أن الجيش لم يرض أبدا عن ترتيبات سيناء، وأنه حَمّل القادة السياسيين، السادات ومبارك، مسؤولية سرقة نصر أكتوبر وتوريط مصر في هذه القيود المجحفة،
فاذا بك ولقد كنت وزيراً للدفاع، تشيد بالمعاهدة وتمتدحها، فتثير الشك حول العقيدة الحالية للقوات المسلحة، وهل تأثرت هى الأخرى بكامب ديفيد!
***
هل هو الخوف من اسرائيل، رغم انك تتباهى طول الوقت بأنك لا تخشى أحدا غير الله؟
أما ان دراستك في كليات الحرب الأمريكية قد أثَّرت على معتقداتك وقناعاتك؟
لو كان الأمر كذلك، لتوجَّب على البرلمان المصري في دورته الأولى أن يشرِّع قانوناً يمنع أي تدريب للعسكريين المصريين في امريكا.
***
ثم ألم تسأل نفسك، لماذا رفضت غالبية الشعب التطبيع مع اسرائيل كل هذه السنوات؟ ولماذا قام الشباب بعد الثورة بحصار السفارة الاسرائيلية وإغلاقها؟ ولماذا دخل الآلاف الى السجون بسبب معارضتهم لكامب ديفيد؟
أليس هؤلاء هم المصريون الحقيقيون؟ وأليست هذه هى حقيقة معتقداتهم الوطنية والعقائدية ووعيهم التاريخي؟
***
ثم ما حكاية أنه لا عبث مع معاهدة السلام، هل تقصد أنه ممنوع الاقتراب منها أو لمسها أو تعديلها؟
رغم أن هناك حالة إجماع سياسي وحزبي وشعبي، خاصة بعد الثورة، بأنه يجب تعديل المعاهدة على أضعف الايمان لتحرير مصر من قيودها الخطيرة والمهينة، التي تركت سيناء عارية أمام كل أنواع الذئاب، وتعرضها لتكرار عدواني 56 و67.
***
لقد تداولت وسائل الاعلام في الايام الماضية تسجيلا لإيهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي الأسبق، يدعو فيه الأمريكان لتأييد السيسي وعدم الضغط عليه،
ولكنى لم أرغب في التوقف عنده، لأن كل ما يصدر عن الاسرائيليين، قد يكون وراءه ألف غرض وغرض، ولكنى توقفت كثيرا على ما قمت أنت بالتصريح به بنفسك، ليس فقط في موضوع المعاهدة!
بل حين سألك ابراهيم عيسى أن كثيرين اعتبروا أن ما حدث في 3 يوليو هو قمة الاستقلال الوطنى، فماذا بعد؟
كان ردك مائعاً، وكانت اجابتك صادمة، حين قلت بالنص إن ((الأمريكان عارفين ان أنا صادق ومباشر ووطني، وهم يرون انه من المناسب أن أكون رئيساً)).
وكذلك قولك إن ((على اسرائيل أن تعطى الفلسطينيين "حاجة"))!!
فهل اختصرنا القضية في النهاية الى شعار ((لله يا اسرائيل))؟!
أرض قليلة تمنع بلاوي كثيرة.
هل هذه نظرية جديدة في الصراع العربي الصهيوني؟
***
سيادة المشير، بعيداً عن أحاديث السلطة وصراعاتها، والدولة العميقة ومصالحها، والثورات والثورات المضادة والانقلابات وخرائط طرقها، والانتخابات الرئاسية وألاعيبها، لم يعد مقبولا منك او من غيرك أي خروج عن الثوابت الوطنية المصرية، ولن يسمح أحد بعد اليوم بأن يكون لاسرائيل كنوزاً استراتيجية جديدة في مصر.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..